إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
6590 مشاهدة
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
في هذه الكلمة وصايا لإخواننا الحاضرين؛ رجاء أن ينتفعوا ويوصوا إخوانهم بما يتيسر مما يحفظونه.
نتواصى بالاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه قدوة الأمة وأسوتهم، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا .
ونتواصى بالتمسك بالسنة التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ونتواصى بتقوى الله تعالى التي أوصى بها ربنا -سبحانه وتعالى- وأوصى بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه الوصايا الثلاث أعلق عليها شيئا يسيرا ليُعرف بذلك كيف يعمل المسلم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف يسارع إلى الخيرات وكيف يلتزم بالطاعات.
فنقول في الوصية بتقوى الله: قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ هكذا جاء في هذه الآية الوصية بتقوى الله؛ ولا شك أن ذلك دليل على أهمية هذه الخصلة التي هي تقوى الله تعالى وطاعته.
وقد ورد عن بعض السلف كالشافعي وغيره قال: تقوى الله تعالى أن تعمل بطاعة الله؛ على نور من الله ترجوا ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
وهذا تفسير مجمل؛ وذلك لأن العمل بطاعة الله يدخل فيه جميع الطاعات التي وعد وأمر الله بها؛ فإذا أدى الطاعة على نور ودليل وبرهان كان أجره أكثر؛ وكذلك إذا كان يرجو الأجر الذي رتب على تلك الطاعات، وهكذا إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها؛ فإنه إذا تركها وكان على دليل وبرهان وكان يرجو ثواب الله في تركها أجره الله، فربنا -سبحانه وتعالى- يثيب على الطاعات، ويثيب على ترك المحرمات؛ فيكون المسلم له أجر إذا تقرب إلى الله تعالى بالعبادات التي يحبها الله تعالى والتي أمر بها، وله ثواب إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها.
فهذه وصية الله تعالى ووصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث العرباض بن سارية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وقال -صلى الله عليه وسلم- مودعا لبعض أصحابه: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن بدأ بتقوى الله اتق الله حيثما كنت .